مسألة حدود أبعاد الفيزياء الحديثة
إن وُجود الحياة وهيكل الكون كما نعرفهما اليوم يُظهران شذوذًا أساسيًا يتحدى فهمنا الحالي للفيزياء. فوفقًا للنماذج الكونية المعتادة المبنية على نظرية “الانفجار العظيم“، كان من المفترض أن تؤدي ولادة الكون إلى إنتاج كميات متساوية من المادة و المادة المضادة. فهاتين الكائنتين متناقضتين، بمعنى أنه إذا حدث و التقى جسيم من المادة بجسيم من المادة المضادة، ينحيان بعضهما البعض وينتج عن هذه الضاهرة انفجار قوي تُطلق خلاله كمية هائلة من الطاقة في شكل إشعاع غاما
نستنتج من هذا أنه لو كانت الكميات الأولية من المادة والمادة المضادة متوازنة تمامًا، غدات لقائها ببعضها البعض في فجر الكون، لتركت وراءها كونًا خاليًا من المادة. ولكننا نلاحظ عكس ذلك، فالوجود كون غني بالمجرات والنجوم والكواكب وبالطبع الحياة. وهذا يدل على عدم تماثل الشحنة-(التكافؤ)، حيث سادت المادة قليلًا على المادة المضادة مما سمح بتكوين الهياكل الكونية كما نعرفها اليوم
هذا الفرق بين المادة والمادة المضادة هو واحد من أكثر القضايا الغير المحلولة والملحة في الكونيات وفيزياء الجسيمات حالياو حيت تسعى التجارب التي تجري في مسرعات الجسيمات والمراصد الكونية إلى كشف الاختلافات الدقيقة في سلوك المادة والمادة المضادة التي قد تفسر هذا الإختلاف
فالمادة المضادة، على الرغم من ندرتها في الكون المرئي، لها تطبيقات عملية في عالمنا، كتقنية التصوير بإصدار البوزيترونات. إنها تلك التقنية الطبية التي تستخدم البوزيترونات، المضادة للإلكترونات، لإنتاج صور تفصيلية لداخل الجسم البشري
الحقيقة أنه إذا ما تمكنا من فك غموض التفاوت بين المادة والمادة المضادة، فهذا سيطور فهمنا لأصل وهيكل الكون، ويفتح أمامنا أبواب تكنولوجيات جديدة تعتمد على خصائص المادة المضادة. بالإضافة إلى ذلك، قد يقدم لنا دلائل أفضل لفهم هذا التفاوت و إمكانية الوصول الى وجود مناطق في الكون حيت تسود المادة المضادة و أشكال الحياة التي تعتمد عليها، و لربما يتيح لنا هذا التقدم أن نتوصل الى حلول عميقة في ميادين التيكنولوجيا و الطب، ثم الى رؤية جديدة لفهم مكانة الحياة في الكون
هناك معادلة تمثل ضاهرة انتهاك شحنة التكافؤ في النموذج القياسيي يمكن الوصول إليها باستعمال ثابت جارلسكوغ، و الذي هو عبارة عن مزيج من عناصر “س ك م” المصفوفة، التي يرمز إليها على هذا النحو
في شبه عناصر مصفوفة “CKM” : ومع كل ذلك، تبقى هذه المعادلة جد مبسطه لأنها لا تلتقط سوى جزء من الظاهرة الكلية لانتهاك تماثل شحنة التكافؤ. بالإضافة إلى ذلك، فالنموذج القياسي في حد ذاته لا يمكن أن يفسر التفاوت بين المادة والمادة المضادة الملاحظ في الكون، مما يبرهن على وجود فيزياء جديدة تتجاوز النموذج القياسي المعروف
هذا فيلم قصير من الببس يحاول المخرج من خلاله الإقتراب من مفهوم المادة المضادة